الأعداد السابقة

إل مقه تحاور الكاتب والروائي وجدي الأهدل

حاورته: عبير محسن

جانب من صنعاء لا يزال مشرقاً رغم الحرب، مشرقاً بالأمل والحُلم.. هذه هي صنعاء سيدة التناقضات، والكُتّاب يجدون فيها زخماً كبيراً من الحكايات والقصص الملهمة.

في مقهى يشعرك بالحميمية ستجد الكثير من المثقفين والفنانين، لكن لهذه الشخصية بالذات حضوراً رغم هدوئها.. كنت أراقبه من بعيد -قبل هذا اللقاء- كلما صادف تواجدي هناك وغالباً ما يكون منهمكاً في قراءة كتاب ما أو جالساً بصحبة الكُتّاب حديثي الولوج إلى عالم الأدب. عُرف عنه تشجيعه الكبير للشباب بل أنه سخيٌّ في النصح، لا يتردد بالتوجيه والنقد الهادف والتقويم.. شخصية تنبذ القات وتؤمن بأن اقتلاعه من عادات اليمنيين سيفسح المجال لحركة ثقافية يحتاجها اليمني ليجابه بها واقعه المؤلم الذي يعربد بالبلاد ويجره إلى أقصى قاع المستنقع.

لأنَّه يقدس الوقت فقد وجدته ينتظرني في زاوية جليلة من المقهى قبل الموعد المحدد، يجلس بهدوء وسكينة يحمل قلماً ونوتةً صغيرة، وكأنه ناسك يمارس طقوسه الروحية والدينية، استقبلني بابتسامة وخجل.. هذا الكاتب الجريء الذي يفتح الستار عن خبايا المجتمع ويسلط الضوء عليها دون خوف أو حرج.. لو تعرفون كم هو مهذب وخجول!

 صدرت له أعمال كثيرة وتمت ترجمة معظمها إلى عدة لغات أبرزها الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والروسية، والإسبانية.

لابد أنكم عرفتم عمن أتحدث.. نعم إنه وجدي الأهدل ابن تهامة ونجم السرد في اليمن والعالم العربي.

 


- دعنا في البداية نتكلم عن بدايات وجدي الأهدل كأديب؟


 بدأتُ أولى محاولاتي لكتابة رواية بعد تخرجي من الثانوية، ذهبت للجيش لتأدية الخدمة الالزامية وهناك بدأت كتابة أول رواية وكانت مرحلة أحببتها كثيراً.. بعد ما انتهيت من الخدمة انتقلت للدراسة الجامعية في جامعة صنعاء قسم الجغرافيا كانت الرواية جاهزة للنشر، وقتها ذهبت إلى ناشر وأعطيتها له حتى يطبعها سألني هذا الناشر أتعرف أي شخص في الاعلام قلت له لا. قال هل تعرف أحداً من الأدباء قلت له لا. قال فهل نشرت في الصحافة أي شيء. مقالات، قصص، استمرت اجابتي بلا. لم أنشر اي شيء، قال لي هكذا جئت «على طول» تنشر رواية وأنت غير مؤهل، قال لا انصحك تطبع الرواية أنصحك أن تنشر قصصاً قصيرة في الصحافة حتى يصبح لديك اسم معروف في الوسط الثقافي والأدبي، وبعد ذلك تعال وأنا أطبع لك فعملت برأيه وبدأت أكتب القصص الصغيرة وأنشرها.


 


- هل قال لك هذه النصيحة قبل أم بعد قراءة الرواية التي قدمتها له؟ 


 قبل أن يقرأها.


 


 -هل رأيت أن هذه نصيحة إيجابية بالنسبة لك، في بداياتك؟


 نصيحته صحيحة 100% رغم أني لم أكن أفهم حينها الوسط الأدبي والحركة الثقافية، فكنت أعتقد ان الشخص يبدأ بكتابة رواية ويذهب ليطبعها وانتهى الموضوع.


 


- ما الذي جعلك أولاً تتجه للجانب الأدبي وأن تفكر في كتابة رواية.. هل كان لديك ميول سابقة، أو اهتمام بالأدب؟


السبب الأساسي طبعاً حبي للقراءة، كنت في طفولتي مولعاً بقراءة قصص الأطفال بشكل جنوني. أحتفظ بكميات كبيرة منها، وبعد ذلك بفترة بدأت أقرأ الأعمال الأكبر يعني الروايات العالمية وهكذا، فهذا خلق عندي رغبة في التحدي أنني استطيع أن اكتب شيئاً جميلاً مثل هذا.


 


- هل يستطيع القارئ ان يتحول من قارئ إلى كاتب؟


 أعتقد انه نعم ممكن


 


- هل تنمّي القراءة مَلَكة الكتابة؟ 


بالتأكيد. أما أن يكون الشخص لا يقرأ ويريد أن يكون كاتباً ستكون تلك كارثة كبيرة.


 


- بعد أن نُشرت أولى قصصك في الإعلام كيف كانت ردود الأفعال؟


 أعتقد أنها كانت جيدة وأنا نفسي تفاجأت بمعنى «عملت حضور كويس»


 


- ما هي أول قصة نشرت لك؟


 لا أتذكر، لكن في بداياتي كانت هناك مجلة مهمة اسمها (أصوات) مجلة راقية كان يصدرها الأستاذ زيد مطيع دماج وكان يرأس تحريرها الشاعر محمد حسين هيثم فكانت تنشر لليمنيين والأدباء العرب. فكرت لماذا لا انشر عندهم قصة، ولأن المجلة ممتازة فإذا نشروا عندهم القصة يعني خلاص، هذه شهادة أني «كويس». أرسلت بعض القصص»كانت أربع قصص» حتى يختاروا واحدة من الأربعة، لا أعرف كيف بدلاً من أن تذهب لمجلة (أصوات) ذهبت للدكتور عبد العزيز المقالح، وكان له علاقة بالمجلة فتم نشر قصتين في صحيفة 26 سبتمبر مع تنويه في المقدمة بالكاتب، وتقريرٍ جيد من الدكتور عبد العزيز المقالح، فكانت هذه لي ككاتب مبتدئ نقلة كبيرة جداً.


 


- أول شخصية أدبية تعرفت عليها بشكل مباشر يعني شخصياً؟


 لا أتذكر.. عموماً من الأشياء الضعيفة التي كنت اعاني منها هي نقص الجرأة في تقديم نفسي للأخرين في البدايات. طبعاً كنت أعرف المشرفين على الصفحات الثقافية، والمحررين الثقافيين، فأراهم وهم لا يعرفونني، وكنت لا أعطيهم القصص مباشرة. بل كنت أذهب إلى مكتب البريد وأرسلها لتصلهم عبر البريد الخاص بالصحيفة أو المجلة وأكون أنا بجوارهم على مسافة امتار، كنت خجولاً جداً وكنت استحي، فأرسلها بالبريد حتى إذا عجبتهم نشروها، وإذا لم تعجبهم «خلاص مش مشكلة»، وبعد فترة بدأوا يبحثون عني وعمن هو هذا الشخص.


 


- هل تعتقد أن القراءة في الصغر تنشئ جيلاً مثقفاً، يعني اهتمام الآباء أو أولياء الأمور في تشجيع أبنائهم على قراءة كتب من خارج المنهج الدراسي. هل من الممكن أن توصلنا إلى جيل مثقف جيل يهتم بالثقافة العامة، والأدب، والفن؟


 هذه نقطة أولى وصحيحة بالتأكيد، لكن هناك نقطة أهم القراءة بالصغر تعطينا جيلاً أفضلَ من الناحية الأخلاقية، أكثر تهذيباً، أفضل سلوكاً في جانب التسامح والقبول بالآخر، فهناك أشياء كثيرة تعلمها القراءة للإنسان.


 


- كيف كانت ردود أفعال المحيطين بك من العائلة والأصدقاء من ناحية كونك أديباً؟


 أعتقد أن هناك نظرة عامة أن الأدب ليس مهنة فبالتالي كانوا يتساءلون ماهي مهنتك، ماهي حرفتك، وعندما يعرفون أني أريد ان أكون أديباً.. كانوا يقولون في سرهم هذا أحمق.


 


- إهتمامك في مجال الأدب كان سابقاً لدخولك الجامعة، لماذا لم تتخصص في أي من مجالات الأدب؟


 اخترت الجغرافيا لأني أحب الجغرافيا وكانت علاماتي الدراسية في هذه المادة دائماً ممتازة فقررت أن هذا قد يكون اختياري الأفضل، كانت درجاتي في اللغة العربية سيئة فقررت ألا أتورط فيها أكثر!


 


-هل ساعدتك دراستك للجغرافيا على تحديد خارطة معينة وسرد مكاني معين في رواياتك؟


 الحقيقة أكيد الجغرافيا فيها ميزة أن تُلم أكثر بالمكان.


 


-كيف يتأثر ويُؤثر الأدب في البيئة التي يُخلق فيها؟


 بالنسبة لليمن هي ليست بيئة مناسبة للإبداع، بالتالي يكون الإنتاج محدوداً. بيئة صعبة لا تصلح لا لإبداع ثقافي ولا إبداع علمي.


 


- هل نُدرة الشيء تجعله محط أنظار الآخرين؟


 لا. بالنسبة للأديب، أعتقد أنه لا يلفت أنظار أحد


 


- كيف تأثرت شخصيتك الأدبية بظروف الحياة التي عشتها في مختلف المراحل؟


 الكاتب في اليمن يواجه صعوبات كثيرة جداً إذا ظل متمسكاً بالكتابة، لأن هنالك مغريات أخرى لكي يُحسّن الإنسان ظروفه المادية ويهتم بعائلته ومستقبل أطفاله لأن الكتابة في اليمن «لا تأكل عيش!»


 


- إذا أصبحت الكتابة مهنة.. هل تخرج عن الإطار الإبداعي أو تصبح مجرد وسيلة رزق؟


 لا، لا بد أن تكون الكتابة مهنة، في الدول العربية الكتابة هواية وهذا ما يجعل الأدب العربي أقل مستوىً إذا ما قُورن بالأدب العالمي.. ليس هناك احتراف لأن الكاتب في العالم متفرغ للكتابة ويعيش من إيرادات كتبه وهذه نقطة مهمة جداً. الكاتب العربي لا يحصد من كتاباته شيئاً مع الأسف فلا بد أن يكون لديه مصدر دخل أو وظيفة ليصرف على الكتابة!


 


- الانقسام في اليمن وصل لدرجة أصبح الناس يُكفّرون بعضهم، الاتهامات باختلافها وصلت إلى كل شارع، ما دور المثقفين اليمنيين في ذلك؟


 دورهم أن يطالبوا بدولة مدنية، بالعلمانية والديمقراطية رغم أن هذا شيء خيالي بالنسبة لليمن.. لكن هنالك تجارب ناجحة قامت بها الشعوب الأخرى ونحن في اليمن يمكن أن نفعل مثلهم.


 


- هل تظن أن العلمانية يمكن أن تنجح في اليمن ويتقبلها الشعب المحافظ الذي لا يعي المعنى الحقيقي لمصطلح علمانية؟


 يبدو أن هذا هو الحل الأنسب لإنهاء النزاع الطائفي المذهبي في اليمن فبدلاً من أن تكون الحكومة دينية منحازة لمذهب تكون حكومة محايدة.


 


-هل الأدب اليمني قصر في إرساء قيم السلام والمصالحة والمحبة بين أبناء الوطن؟


 هي مسؤولية مشتركة ليست فقط مسؤولية المثقف وحده فالشعب اليمني يتحمل جزءاً من المسؤولية فلو قمنا بجولة على سبيل المثال بالسيارة وقت الظهيرة أين ستجدين الازدحام؟ في أسواق القات! وإذا ذهبتِ إلى المكتبات ستجدينهم «يهشون الذباب»


إذاً الشعوب العربية واليمنية على وجه الخصوص لا تهتم بشراء الكتب ولا تهتم بأن تُغذي نفسها ثقافياً عن طريق الذهاب إلى المسارح، والسينما وكافة أنواع الفنون.


 


- هل المثقفون اليمنيون مستقلون فيما يبدعون أو أن هناك توجهات معينة تحدد مسار هذا الإبداع إذا جاز أن نطلق عليه كذلك؟


 يفترض ان يكون مستقلاً، لكن في الدول النامية مثل اليمن المثقف لا يستطيع أن يكون مستقلاً. والسبب أن الكاتب في اليمن قد يطبع ألف نسخة وهذه الألف نسخة إذا افترضنا أنها بِيعت.. لا يمكن أن تشكل عائداً مادياً للكاتب فيضطر أن يكون مرتبطاً في حياته مع الدولة وإلا كيف سيعيش!


الكاتب الغربي وضعه مختلف فهو مستقل ينعزل لأجل كُتبه فهناك الملايين الذين يشترونها فيجد إيرادات كافية تجعله مستقلاً ويستطيع تبنّي مواقف مستقلة عن النظام والحكومة.


 


- ما أبرز التحديات التي تواجهها الحركة الثقافية في اليمن؟


 أولاً: أهم تحدٍ هو عدم وجود دور نشر.. اليمن دولة خالية من دور النشر!


كيف نريد من المثقف اليمني أن يُؤثر أو أن يكوِّن رأياً عاماً في ظل عدم وجود دور نشر، هذا شيء غريب جداً.


 


- كيف يمكن للرواية أن تكون مرجعاً تاريخياً؟


 أن تكون الرواية مرجعاً تاريخياً فهذه فكرة خاطئة، هي ليست كذلك بل على العكس الروائي عندما يكتب عن شخصية أو حدث تاريخي معين لا بد أن يختلف أو ينزاح عن الرواية التاريخية التي كتبها التاريخ فلو التزم بكتب التاريخ إذن لن يكون روائياً.. فربما هناك حقائق غائبة لأن التاريخ دائماً يكتبه المنتصر!


 


- الأدب في اليمن يشهد قصوراً كبيراً سواء على مستوى الإنتاج الأدبي أو النقد والدراسة.. ما الأسباب من وجهة نظرك؟


 كما ذكرت سابقاً لا يوجد دور نشر.. لا توجد مجلات ثقافية والأهم ليس هنالك طبقة تقرأ فاليمن دولة تخلو من القراء، فيها كم هائل من المسلحين وليس كماً هائلاً من القراء!


الشعب اليمني ثلاثين مليون وعندما يطبع أي كاتب ألف نسخة فقط فكيف ستؤثر هذه الألف نسخة.


بالنسبة للنقد فهو يعاني من ذات المشكلة، فالجامعات اليمنية فيها أكاديميون ممتازون لكن لا توجد مجلات تصدر عن هذه الجامعات لنشر دراساتهم النقدية، لا توجد حركة نشر وهذا ما أضعف الأدب والنقد على حد سواء.


 


- ما أحب أعمالك الأدبية إليك؟


أعتقد آخر عمل.. لأن الإنسان يُحب أصغر أولاده والروايات بالنسبة لي كذلك.


 


- حازت رواية بلاد بلا سماء على اهتمام الباحثين أكثر من سواها من بين أعمالك الأدبية.. إلى ماذا تعزو ذلك؟


 الرواية ذات نهاية مفتوحة «لُغز» وهذا شيء غير تقليدي، تبدأ الرواية واضحة كوضوح الشمس ثم شيئاً فشيئاً تصبح أكثر غموضاً عكس الرواية البوليسية التي تكتبها أجاثا كريستي وغيرها التي تبدأ بلُغز وفي النهاية يتم حل هذا اللُغز.


 


- بمن تأثر وجدي من الكُتاب العرب والأجانب؟


 أحب كثيراً كتابات زيد مطيع دماج، نجيب محفوظ، عبدالرحمن منيف هذا على المستوى العربي وعالمياً غابرييل غارسيا ماركيز، وتشيخوف.


 


- (قوارب جبلية) كانت من الأعمال الأولى بالنسبة لك وواجهت حملة كبيرة ضد هذا العمل حتى وصل بك الأمر للنيابة العامة.. ما القصة؟


 نحن في اليمن نكتب والسلطة لا تقرأ وعلى هذا الأساس نحن نعمل ضمن اتفاق غير معلن ففي (قوارب جبلية) يبدو أنه حدثت مصادفة سيئة جداً فلأول مرة السلطة تقرأ رواية فوقع الفأس في الرأس وجُنّ جنونهم.. برأيي الأصح هو ألّا تقرأ السلطة روايات أبداً «دعوا الكتاب يكتبون ما يشاؤون وأنتم افعلوا ما شئتم في السياسة».


 


- كان هناك حرب على مضمون الرواية من جماعة معينة.. كيف واجهت هذه الحرب؟


 كان هنالك تباين فجزء من الناس كان مع الرواية وجزء آخر ضدها والسلطة طبعاً كانت ضدها، الرواية أنا أسميها هجائية، في الشعر يعتبر غرضاً من أغراض الأدب العربي القديم ففكرت أنه لِمَ لا تكون الرواية بنفس هذا الغرض فكانت هذه الرواية كذلك وكان المقصود منها أن تُحدث صدمة للقارئ والنظام.


 


- اضطررت بسبب هذه الأحداث أن تهاجر إلى الخارج.. هل كان ذلك هروباً؟


أكيد هو هروب لأني تلقيت تهديدات بالقتل، ووصل التحريض إلى حد التكفير في منابر الجوامع، وتهديدات من عناصر مسلحة أراها تأتي إلى مقر عملي وفي بيت الثقافة وكان احتمال التصفية موجوداً حينها.. لذلك قررت الرحيل.


 


- توسط الأديب الألماني غونتر غراس من أجل إرجاعك إلى البلاد بعد النفي غير المباشر الذي طالك.. ما الذي دفع هذا الكاتب للتدخل؟


 في العالم الكتاب دائما يتضامنون مع بعضهم وهذا الغائب في الدول العربية مع الأسف.. في العالم المتقدم يشعر الكاتب بالمسؤولية والالتزام ليدافع عن زميله، فلما عرف قصتي شعر أنه ملزم أخلاقياً أن يتوسط لدى الرئيس علي عبدالله صالح.


 


- الكتاب والأدباء اليمنيين ماذا كان موقفهم من كل ما حدث معك؟


شهادة لله أن المثقفين اليمنيين وقفوا وقفة جادة معي، وتضرروا من هذا الموقف لأننا كنا نواجه سلطة!


وكتبوا مقالات في الصحافة ضد التكفير، ومصادرة الرواية، ومحاكمة الروائي.. وكان ذلك موقفاً مشرفاً!


  


- ماهي الأحداث المفصلية في حياتك والتي أحدثت نقلات نوعية؟


 هذه الزوبعة التي حدثت بسبب رواية (قوارب جبلية)، غيَّرت أشياء كثيرة في داخلي.. لم أكن أتصور أن يكون الأمر خطيراً.. المشكلة التي حدثت بسبب الرواية فتَّحت عينيَّ على أنَّ بمقدوري أن أكون أداة تغيير خطيرة جداً.


 


- هل تظن أن السلطات في اليمن تحول دون تطور الثقافة وبروزها في المجتمع؟


 هذا مؤكد! أي شخص يراجع الإحصائيات والأرقام سيكتشف بسهولة أن السلطة في اليمن معادية للثقافة والعلم معادية حتى للرياضي!


 


- ما هو رأيك في دور المرأة اليمنية في الأدب؟


 غالبا صورة المرأة في الأدب اليمني إيجابية ولو نستحضر الآن أمثلة نجد أنه بشكل عام الأدباء اليمنيين ينقلون عن المرأة صورة جيدة.. أما الأديبة فهي تعاني من عوائق كثيرة مثل العادات والتقاليد هذا شيء.. أما الشيء الثاني وهو الأسوأ أنَّ القارئ في اليمن مع الأسف يخلط بين الشخصيات في الرواية وبين المؤلفات يعني على سبيل المثال الكاتبة أو الأديبة اليمنية إذا كتبت رواية عن امرأة قامت بشيء معين، يتبادر إلى ذهن القارئ أن هذا ما فعلته المؤلفة، وهذا خاطئ تماماً.. فعندما أكتب رواية لا يعني أن أنا بطل الرواية


 


- ماذا عن النماذج الموجودة حالياً من النساء في ساحة الأدب؟


مهمة المرأة في اليمن صعبة جداً، نحن الرجال نواجه صعوبات كبيرة فما بالك بالمرأة


 


- هل تظن أن المرأة ساهمت في اضطهادها من قبل المجتمع؟


نعم بالتأكيد، لأن المرأة هي التي تربي الأجيال فهذه الأجيال التي تنشأ في اليمن جزء لا يتجزأ من تربية الأم.


 


- أنت معروف بوقوفك دائماً مع الشباب المبدعين فما هي أهدافك ورؤيتك التي تنبثق منها هذه المبادرة؟


 أنا لدي صداقات مع أصدقاء قي الدول العربية، واكتشفت أنهم لا يعرفون شيئاً عن الأدب اليمني فحضوره معدوم أو ضئيل جداً وهذا شيء يحز في نفسي بالتأكيد.. فإذا الدولة قد أهملت، لماذا لا نحاول نحن -الجيل الأكبر سنا- عمل شيء للأجيال الجديدة الصاعدة بقدر إمكاناتنا.


 


- هل أثمرت هذه المحاولات؟


ليس بعد، خصوصا أن هذه جهود فردية بسيطة لا تغني عن دور الدولة أو دور المجتمع. المجتمع أيضاً لابد أن يكون حاضناً.


 


- كيف تتخيل مستقبل الثقافة والفن في اليمن في ظل عدم وجود دور بنية تحتية ثقافية كدور السينما، والمسارح، وغيرها؟


برأيي الشخصي، لن تقوم الثقافة باليمن إلا إذا اقتلعنا شجرة القات نهائياً لأن في اليمن فترة المساء تذهب كلها في تخزين القات وهذا الوقت هو وقت زيارة السينما, مشاهدة عرض سينمائي, مشاهدة عرض مسرحي, زيارة المكتبات, حضور حفل موسيقي, حضور ندوة ثقافية فما دام القات موجوداً فهو يسحب الشعب اليمني إلى خانته.


 


- هل تتعاطى القات؟


لا أبداً.. اليمنيين يصرفون 6 مليارات من الدولارات سنويا على القات لو صُرف هذا المبلغ للثقافة فكيف سيكون المجتمع والشعب.


 


- هناك شباب جدد على مستوى كتابة المقالات والقصص القصيرة، تُنشر كتاباتهم على منصة فيسبوك وهم أيضاً من المدافعين عن القات، فهل فعلاً القات يمنع الشخص من أن يكون قارئاً او مطلعاً؟


الآن الشاب هذا الذي يكتب هو يدافع عن عادة تعاطي القات نفرض ان هذا الشخص أصدر كتاب كم سيبيع مائة نسخة ولو محظوظ ألف نسخة هل الألف نسخة تعتبر كافية؟ لا طبعاً الكتاب في العالم يبيعوا ملايين النسخ في رواية لكاتب افغاني نسيت اسم الكاتب رواية «عداءالطائرة الورقية» باع 130 مليون نسخة لهذه الرواية وتحولت الرواية إلى فيلم سينمائي.. هل اليمني غير قادر على شراء كتاب!


هو يستطيع إنما يفضل أن يصرف ماله على القات وقد أسلفا أن اليمنيين يصرفون 6 مليار دولار سنويا على القات لو كانوا يصرفوا نصف هذا المبلغ على شراء الكتب كان أفضل , فهذا الشاب الذي يكتب قصة ويدافع عن القات لو كان يوفر قيمة القات للكتب كان سيصبح مليونير يصدر كتاب جيد والناس يشتروا ملايين النسخ فيصبح هو المليونير ويتباهى بالكتابة.


 


- تطور التكنولوجيا وزيادة منصات النشر في الفضاء الإلكتروني هل كان لها دور جيد أم سيء؟


هذا جيد جداً فمن قبل كان هناك احتكار وصعوبة في النشر، لكن هذا التطور، كسر هذا الاحتكار وهذا الحاجز والان يستطيع اي شاب أو شابة ان ينشر ويبدع كما يريد.


 


- ماذا عن المهنية هل تسبب وجود هذه المنصات في اختلال المعايير؟


لا بأس بدفع هذا الثمن لا بأس مقابل الحرية و التخلص من الاحتكار. في السابق كانت السلطة تحتكر وسائل النشر ووسائل الإعلام، والآن هذا الاحتكار لا وجود له، وإذا كان هناك بعض التجاوزات، ففي النهاية الجيد سيبقى والرديء سينتهي.


 


- كيف ترى وضع الحرب التي عصفت باليمن وكيف أثرت في نفسية اليمنيين وكيف من الممكن أن ننتهي منها؟


بالتأكيد تأثيرها سيستمر عشرات السنين وإن انتهت. ولكن كل ما نحتاجه هو أشخاص حكماء في مواقع السلطة، لا مذهبية ولا قبلية، أشخاص مثقفون يعرفون كيف يهتمون بالإنسان، بتعليمه وصحته ومسكنه ومأكله ومشربه. أشياء ضرورية لهذا الانسان. الشخصيات السياسية التي تقاتل وتظلم لا تعنينا.


 


- ما تطلعات الاستاذ وجدي الأهدل للمستقبل؟


أن تتوجه أموال الدولة إلى توفير وتوجيه المواطن اليمني للثقافة، المواطن اليمني ينفق ماله على شيئين القات والسلاح فنريد من اليمنيين أن يتجهوا إلى التثقيف والتعليم وهذا سيؤدي لحل كل المشاكل السلبية، وآثار الحرب ستذوب بالتثقيف والوعي.


 


-ما جديد الكاتب وجدي الأهدل؟


انتهيت من مجموعة قصصية عنوانها التعبئة.


 


 - هل المجموعة متأثرة بالحرب مثلاً أو أنها تتناول قصصاً لها علاقة بالحرب؟


هي تتكلم عن الديكتاتوريين الذي حكموا في الماضي. تتكون المجموعة من إثني عشرة قصة، كل قصة تتكلم عن دكتاتور معين مثل ستالين، هتلر، فرانكو، موغابي.



- ما طقوس الكتابة عندك هل هناك طقوس معينة تخلقها من أجل الإلهام؟


أهم شيءٍ عندي أن تكون هناك موسيقى، -الموسيقى تعدل الجو- والقهوة فقط.


 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني