الأعداد السابقة

الإيثار

منار المحويتي

يبلغ رائد الثانية عشرة سنة وهو يعيش مع والديه وأخته ريما التي تصغره بعامين .  فتى شقي ومهووس بألعاب الفيديو لكنه ذكي وجيد في دراسته ولايهملها ومطيع لوالديه ولا يعصيهما  .


ذات يوم في عطلة الصيف، خرج رائد مع ريما وهو في قمة حماسه  . 

- وأخيرًا!..

لقد استطعت أن أدخر قيمة لعبة القتال الجديدة وها أنا الآن ذاهب لشراءها..

فقالت ريما : أنا من ساعدتك على ادخار النقود، عليك أن تعدني بأن تسمح لي باللعب معك...

فقال رائد بتباهي : بالتأكيد... ولكني سوف أفوز عليكِ

- لن تستطيع ذلك...

- بلى أستطيع....

- لن تستطيع...

- بلى...

- لا...

وفجأة قاطع شجارهما صيدلي وهو يطرد ولد بمثل عمر رائد من عنده ويرفض إعطاءه الدواء كونه لايملك النقود فكان يترجاه: أرجوك.. أعدك أن أقدم لك النقود في وقت لاحق فأمي بحاجة إلى الدواء.

فرد عليه بحده : لن أعطيك أي شيء دون نقود!

قال ذلك ثم تركه على قارعة الطريق عائد إلى عمله فبقي الولد مكانه متألمًا؛ لذا فقد أحزنهما حاله، اقتربا منه وسأله رائد : بماذا أساعدك ياصديقي؟

لكن نظر إليه الولد بسخط، بل إنه انتشل حقيبة ريما التي فيها نقود اللعبة وأطلق قدميه للريح، في حين للحظة وقف رائد وريما مندهشين من تصرفه، لكن سرعان مااشتعل رائد غضبًا وكان أسرع منه... لحق به وهو يردد « اللعبة،...اللعبة «

استمرت المطاردة وقتًا ورغم تعب رائد إلا أن اللعبة كانت دافعه الوحيد للإصرار بإمساك ذلك الولد!

اصطدما بالكثيرين وأخذا دورة في الحي كله بينما تلحق بهما ريما وهي تلهث من التعب مدة نصف ساعة حتى أجبرهما التعب على التوقف أخيرًا فاقترب منه رائد . وضع يده على كتف الولد وكانت صورته وبحة صوته مرعبة حين قال: مالذي تنوي فعله!؟

دبت القشعريرة في جسم الولد في حين أحكم رائد قبضته ورفعها بغية لكمه بقوة إلا أنه أعدل عن رأيه، أخذ نفسًا عميقًا في حين ظن الولد أنه سيضربه لامحاله وكذلك ريما إلا أن رائد صرخ في وجهه قائلًا: إن كنت تريد المال من أجل الدواء فليس عليك الإعتماد على السرقه!...

أثناء صدمته أخذ رائد الحقيبة من يده وفتحها ثم أخذ منها النقود وأعطاها له قائلًا: لا تقف هكذا ، أمك في إنتظارك.

- شـ...شكرًا لك...

قالها الولد وفي ملامح وجهه تظهر الدهشة لكنه مالبث أن استوعب الأمر، طأطأ رأسه يمسح دموعه ثم أكمل : أنا آسف حقًا، نقودي التي ادخرتها بتعب لأشتري الدواء لأمي تمت سرقتها ولم أدري ماذا أفعل، ورغم أن أمي بحاجة ماسة إلى الدواء لم يقبل الصيدلي أن يعطيني الدواء دون نقود لذا...

ظهرت ملامح الحزن على وجه رائد حين رد قائلًا: لابأس...

استقام الولد يودعهما قائلًا: أدعى عامر وأرجوا أن نلتقي مرة أخرى  .

- بالتأكيد سنلتقي...

غربت الشمس وتوارت خلف الجبال، أثناء عودتهما . 

 كان رائد هادىء بشكل غريب فسألته ريما: مالأمر ياأخي!؟... هل أنت حزين لأننا لم نشتري اللعبة؟

- لا أبدًا.

- لكنك تبدو هادئًا على غير عادتك.

فرد رائد: قلت لكِ أنني لست حزينًا، بل سعيد جدًا لأننا أدخلنا السعادة في قلب عامر، لكنني أفكر كم من الأشخاص الذين يشبهونه ولايجدون من يساعدهم!

لم تقل ريما شيء بل اكتفت مبتسمة وفي المنزل على مائدة طعام العشاء أخبرت والديها عما حدث فاندهشت الأم وقال الأب مبتسمًا بإعجاب يربت على رأس ابنه : هذا ماأتوقعه من ابني!

وفي اليوم التالي مكافأةً لرائد اشترى الأب لعبة القتال الجديدة وقدمها إليه هدية قائلًا يضع يديه على كتفي رائد: عليك أن تحافظ على صفة الإيثار هذه يابني، فهي صفة رائعة!

 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني