الأعداد السابقة

تفاصيل الجنون

عنود المجاهد

هناك 

 يسكن على الرصيف أحدُ المجانين 

يرمي فتاتَ الخبزِ لنملةٍ مرت بجانبه 

يدور حول المارين كطفلٍ

 فقد أمه بحربِ إبادةِ العواطف  

يبكي كثيرًا 

حين يدرك أنها ماتت قبل أن يقبِّلَ قدميها 

كي يصل إلى الجنة 


 ينتحب آه يا وطني

أنا بطنٌ فارغةٌ من حليب الأمهات

مُزقت روحي 

كأي ورقةِ بمزبلةِ الأنظمة

جسدي تلك الشجرة التي أحارب الأباليس على ظلها 

قطعت أطرافي  

 لا جذع أهزه ليُسقطَ هويتي 


تعالت صرخاته التي أفزعت الفرح المزيف بأرواح الأحياء والميتين 

يقول الحكام سيُبعثون الى السماءِ

مُلطَّخِينَ بدماء 

يقول الربيع هنا شتاء

يقول ضحكات الجائعين والكادحين والعاشقين والثائرين بكاء 

 يقول الخطوط ُالتي على وجهي 

سببها حرب ٰالقبيلة

وعزاءُ النساء 


يقول أيها الخائفون

 لا تجبروا صمتي على قطعِ ألسنتكم 

لا تهابوا شعثي وبؤسي

أنا حرٌ سجينٌ بتهمةِ الهذيان 

وأجزم أنّهم سيقتلعونَ رأسي  

ويسلخونَ جسدي  

ويعلقون جلدي راية

ويسيلون دمي حبرا

 ويكتبون مات ملحدا 

ويلبسون عفة الأديان 


قال سحقاً

لكل شعبٍ جبان

يعتادُ الظلمَ 

يُطهِّر كف الشيطان 

يبتلعُ الكلمات

يُكبل الحرية 

يصفقُ لظالمٍ فخراً 

ويردد يحيا الإنسان 


لا.. لا تنظروا إليَّ

فإنكم شعبٌ يخاف 

والخوف في وطني يقتل الأسود 

وينجب الخراف 


وأعلم أن الأشقياءَ منا 

سيقتلون فرادى 

أو دفعة واحدة

 سيسلمون لموتٍ لن يعرفوه 


 تقافزت الآهات من صدرهِ 

ولكي لا يزيد أنين الأرصفة 

حدَّق بألمٍ 

وبلا اتجاه

 تعثرت خطواته 

 وعاد مسكنَه

 ليبيعَ شقوقَ قدميه بيتًا للنملة التي صادقته  

تلوَّى ضائعاً حول نفسه 

بدا كجسرٍ قديمٍ تعبرهُ الذكريات

بكى بحرقة

تلمسَ ملامح وجهِه

جمع دمعاتِه وابتساماتِه المحتلة 

ووضعها في مظروفٍ كي يرسلَها 

إلى تلاميذه الذين يدرسون التأريخ في المقبرة 


غفا فوق نِعاله المقلوب على ضفة الأيام

 لعلها تأخذهُ الى يومِ القيامة

وبينما كان منتظرا

 قرصته تلك الصديقة 

نظر إليها مذعورا

 لمَ يا صديقتي؟

أهي رصاصة أم قُبلة !

 لمَ لا نتفق؟

دعيني أضمد جراح وطني الذي ينزف من قلبي  

دعيني أغتال الخطايا الكبيرةَ

التي أوقعت به قتيلا بأحضاني 

دعيني أتحول إلى غيمةٍ حزينة

وحين تُسقطَ سمائي مطرا

دعيني أغسل وجوه الموتى 

كي تستطيع الملائكة رؤية أحزانهم 

دعيني أضع المقبرة داخل بيتك

وساعديني لنثقب القبور كي

تصعد رائحة الأنقياء إلى الله

 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني