الأعداد السابقة

عيد وموت

حسين الوادعي

ليس العيد وقتا مناسبا للحديث عن الموت،  لكن صفحاتنا التي تتسيدها تنويهات النعي وصور الجنائز تجعلني ابحث عن تفسير.

ما أعجب هذه النفس الآبقة التي تبحث عن تفسير لكل شيء!

هل يمكن للإنسان أن يختار قرار موته (لاشعوريا)؟

وهل اوطاننا المنهارة واحلامنا المذبوحة على قرابين مسوخ الكهوف سبب في زيادة حالات الموت المفاجيء التي نقرأ عنها كل يوم؟

سجل العلماء ظاهرة نعرفها جميعا وهي أن المتزوجين لفترة طويلة قد يموتون متتابعين بفارق زمني بسيط(عدة شهور). و أطلقوا على هذه الظاهرة (متلازمةالقلوب المحطمة HeartbrokenSyndrome).

ان رحيل شريك العمر يسبب احباطا و آلاما نفسية وجسدية واضطرابات قد تؤدي الى الموت.

 ويبدو ان هناك قدرة لاشعورية ما تستطيع إرسال أمر الموت الى الدماغ فيلحق الشريك شريكه المتوفي وفاء لمقولة (لم تعد لي حياة من بعدك ) التي اتضح أنها ليست عبارة عاطفية بقدر ما هي حقيقة فاجعة.

تحدثت الدراسات أيضا عن (أثر الترمل Widowhood effect) وكيف تزيد احتمالية وفاة الشريك بعد شريكه الراحل خلال 3 أشهر من رحيله! ثلاثة أشهر حرجة قد يحتاج الجسد فيها الى رعاية طبية ونفسية مكثفة لاقناعة بالعدول عن «قرار» الموت!

هل يمكن تعميم هذه الظواهر المعروفة طبيا على المستوى الجماعي. وهل ينحو الناس في الاوطان المنهارة الى الوفاة بنفس الطريقة؟

فإذا كان الشخص المفجوع برحيل شريكه عمره يموت بعده بفترة وجيزة؛ فهل يحدث هذا للمفجوعين بانهيار اوطانهم واحلامهم وحيواتهم البسيطة؟

هل هناك متلازمة هي (متلازمة الأوطان المنهارة) يمكن من خلالها تفسير هذا الموت بالجملة؟

أليس الموت الكثيف والنشيط في أوساط «الطبقة الوسطى» اليمنية، شبابا وكهولا وبدون أعراض مرضية، بعد انهيار عالمها بسبب الظروف السياسية، وسقوطها في هوة الفقر والمهانة هو النتيجة لسقوط عالم كانت ترى فيه سببا للحياة،  وظهور عالم لا تجد فيه نفسها ولا تحس فيه بجدوى البقاء؟

ليس العيد وقتا مناسبا للحديث عن الموت، لكن صفحاتنا التي تحولت إلى حفلات نعي ومقابر متجولة على الفضاء الإلكتروني فرضت الحديث الفاجع.

هل اقول عيدكم مبارك، وتمسكوا بالحياة بكل تحدياتها.. أم ماذا اقول! 

حول الموقع

إل مقه - نادي القصة اليمني